لا قضاءَ على المُغمى عليه، إلَّا إذا كانت مدَّةُ الإغماءِ ممَّا يشبه النَّوم
أكثرُ أهل العلم على أنَّ المغمى عليه لا يقضي [1]؛ لكنَّ أبا حنيفة -رحمه الله- قال: "إذا كانت خمسُ صلواتٍ فأقل: فإنَّه يقضي" [2]، وعند مالك والشَّافعي – رحمهما الله- أنَّه لا يقضي الصَّلاة التي خرج وقتها [3].
والذين قالوا "إنَّ المغمى عليه يقضي": قاسوا ذلك على النَّائم، قاسوا الإغماء على النَّوم [4]، وفي الحقيقة الإغماءُ ليس كالنَّوم، والفرق بينهما:
* أنَّ النَّوم أمرٌ جبلِّي، طبيعي، والإغماء ليس كذلك، هذا أولًا.
وثانيًا: أنَّ الإغماء نادرٌ، أمَّا النَّوم فهو دائمٌ، وغالب، وكثير، ولابدَّ منه؛ فلهذا جاءت الشَّريعة بأمر النَّائم بقضاء الصَّلاة [5]، بخلاف الإغماء؛ فإنَّه نادر، وغير طبيعي.
* وكذلك: النَّائم إذا نُبِّهَ انتبه، أمَّا المغمى عليه فلا ينتبه للتنبيه والإيقاظ، فالأشبه إلحاقه بالمجنون.
وفي المسألة بعضُ الآثار: جاءَ أنَّ عمار بن ياسر أُغمي عليه أربعة أوقات: فقضاها [6]، وجاء عن ابن عمر أنَّه أُغمي عليه أيامًا فلم يقضِ [7].
وعندي: أنَّه إذا كانت مدَّة الإغماء ممَّا يشبه حال النَّوم، مثل: وقت، وقتين، فيمكن أن يُقال إنَّه ينبغي له أن يقضيها، ولو احتياطًا؛ للخلاف في ذلك، أمَّا الأصل وموجب الدَّليل: أنَّ المغمى عليه لا قضاء عليه، فإلحاقه بالمجنون أشبه [8].