إذا تنجَّسَ دهنٌ مائعٌ: فتُلقى النَّجاسةُ وما حولها وتَطهُرُ
إذا تنجَّسَ دهنٌ مائع، وهو الذي يسيلُ ويجري إذا فُكَّ وعاؤه[1]: فالمذهب أنَّه لا يطهر[2]، يعني لا حيلة لتطهيره، إذًا فلابدَّ مِن إراقته، قليلاً كان أو كثيرًا، تغيَّر أو لم يتغيّر. مع أنَّ الماء عندهم إذا تنجَّس وأمكن أن يطهرَ بإضافة طهور كثير عليه يزولُ معه التَّغيّر: فيطهرُ الماء، أمَّا المائع -غير الماء-: فلا يطهر.
ولكن جاء في الحديث الصَّحيح: (إذا وَقَعَتِ الْفَأرَةُ في السّمْنِ وَمَاتَتْ؛ فألْقُوهَا، وَمَا حَوْلَهَا، فَاطْرَحُوهُ ، وَكُلُوا سَمْنَكُمْ)[3]، فمعناه أنَّه إذا وقعتِ النَّجاسةُ في السّمن ونحوه، والزَّيت ونحوه: فالحكمُ أنَّه تُلقى النَّجاسة وما حولها، ويطهرُ السَّمن، وهذا الحديث مطلقٌ في الجامد، والمائع، وهو الصَّواب.
وأمَّا الحديث الذي فيه الفرق بين الجامد والمائع[4] قالوا: إنَّها رواية لم تصح، وهي غلطٌ مِن بعض الرّواة، وأنَّ أكثر مَن روى الحديث رووه بدون التَّقسيم، فالحديث جاء مطلقًا: (أَلْقُوهَا، وَمَا حَوْلَهَا، فَاطْرَحُوهُ ، وَكُلُوا سَمْنَكُمْ). [5]
وقد أخطأ معمر في إسناد هذا الحديث ومتنه كما قال الحفّاظ، فقد رواه أصحاب الزهري، عنه، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بالمتن السابق، وخالفهم معمر، فجعله عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، وزاد فيه هذه الزيادة.
قال الترمذي: " وهو حديث غير محفوظ. وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: هذا خطأ، أخطأ فيه معمر. قال: والصحيح حديث الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة"
وقال أبو حاتم في "العلل" لابنه 4/391، رقم 1507: " هذا وهم، والصحيح: الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة، عن النبي صلى الله عليه وسلم"
وقد رواه معمر كما رواه أصحاب الزهري عنه على الصواب كما قال عبد الرزاق 279: وقد كان معمر أيضًا يذكره، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، عن ميمونة، وكذلك أخبرناه ابن عيينة.