يتعيَّنُ التَّيمُّمُ بالتّرابِ عندَ وجودِه، فإنْ لم يُوجَدْ: تَيمَّمَ على أيِّ جزءٍ مِن وجهِ الأرضِ
ذهبَ إلى اشتراطِ التَّيمّمِ بالتّرابِ: كثيرٌ مِن أهل العلم [1]، واستدلّوا على ذلك بقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (وجُعِلَ التُّرابُ لي طَهُورًا) [2]، وفي لفظٍ: (وجُعِلتْ تربتُها لنا طَهُورًا) [3]، والتّرابُ والتّربةُ: معنى واحد.
وذهبَ آخرون مِن أهل العلم: إلى عدمِ اشتراطِ التّراب للتَّيمّم [4]، بل المشروعُ هو التَّيمّمُ على سطحِ الأرض، وقالوا: الصَّعيدُ كلُّ ما تصاعدَ على وجه الأرض: مِن ترابٍ، ورملٍ، وطينٍ، وسبخةٍ.
فقالوا بإباحة التَّيمّمِ على أيِّ جزءٍ مِن وجهِ الأرض: على حجرٍ أملس، على سبخةٍ، على طينٍ، على ترابٍ مبلَّل.
وعلى قول مَن يشترطُ التُّرابَ الذي له غبارٌ: معناه أنَّه إذا لم يجدِ التُّراب، فهو عادمٌ للطَّهورين، لم يجد ماءً ولا ترابًا، فهو عادم للطَّهورين، وكأنَّه -على قولهم- لا يتيمَّم إذا لم يجد التّراب.
ولا ريبَ أن كلاً مِن القولين له وجاهة، وعليه، فإذا تيسَّر التّرابُ فلا ينبغي العدول عنه؛ لأنَّه أكثر مناسبة لمعنى التَّيمم، والرَّسولُ -صلَّى الله عليه وسلَّم- ضربَ التّراب بيديه، يعلِّم عمَّارًا: ضربَ الأرضَ بيديهِ، فمسحَ إحداهما بالأخرى، ثم مسحَ وجهَه . [5]
فإذا وجدَ التّرابَ: تيمَّمَ به، وإذا لم يجدِ التَّرابَ الذي له غبار: تيمَّم على أيّ جزءٍ مِن وجهِ الأرض، ولا نقول: لا يتيمَّم، بل نقول: يتيمَّم . [6]
تفرد به عبد الله بن محمد بن عقيل، وهو مختلفٌ فيه والأكثر على تضعيفه!
وأورده الهيثمي في "المجمع" 1/260، رقم 1406 وقال: " رواه أحمد، وفيه عبد الله بن محمد بن عقيل، وهو سيئ الحفظ، قال الترمذي: صدوق، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه، وسمعت محمد بن إسماعيل – يعني البخاري – يقول: كان أحمد بن حنبل، وإسحاق بن إبراهيم، والحميدي يحتجون بحديث ابن عقيل. قلت: فالحديث حسن، والله أعلم". وحسَّن إسناده: ابن كثير في "تفسيره" 2/94 والعراقي في "طرح التثريب" 2/108 والحافظ في "الفتح" 1/438