التَّسميةُ في الوضوءِ سُنَّة
التَّسميةُ في الوضوء محلُّ اختلافٍ بين أهل العلم [1] :
فمنهم: مَن يقول إنَّها واجبة مطلقًا؛ مع الذّكر أو النّسيان، ومنهم: مَن يقول بل هي واجبةٌ مع الذّكر [2]، ومنهم: مَن يقول بل هي سنّة . [3]
والأصلُ أنَّه قد ورد ما يدلّ على وجوبها، كما في الحديث: (لا صلاة لِمَن لا وضوء له، ولا وضوءَ لِمَن لم يُذكر اسمُ اللهِ عليهِ) [4]، وجاء مِن طرق عديدة، عن جماعة مِن الصَّحابة، ولكن كلّها ضعيفة، ومنهم مَن حسَّنها بمجموع طرقها، ونقل الحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام" عن الإمام أحمد، قال: "لا يثبت فيه شيء". [5]
ولعلَّ الأشبه: الاستحباب، أمّا الوجوب: فليس بظاهر؛ لأنَّ الذين نقلوا لنا صفة وضوء النَّبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- لم يذكروا أنَّه كان يسمّي، بل هو مسكوت عنه، وبه استدلَّ مَن قال: إنَّ التَّسمية سنّة، وليست بواجب، بل ذُكر عن بعضهم أنَّه قال: إنَّها بدعة ! قال: بِما أنّ هذه الأحاديث لم تصحّ، ولم يثبت مِن فعل النَّبيّ -صلّى الله عليه وسلَّم-: فتكون بدعة، ولعلَّ القول بأنَّها سنَّة، وسطٌ بين هذه الأقاويل . [6]
ووقع عند الحاكم: يعقوب بن أبي سلمة؛ لذلك قال:" هذا حديث صحيح الإسناد، وقد احتج مسلم بيعقوب بن أبي سلمة الماجشون". وهذا وهم منه رحمه الله كما بيَّنه أهل العلم بالحديث، والصحيح أنه يعقوب بن سلمة الليثي، وليس يعقوب بن أبي سلمة الماجشون.
ويعقوب وأبوه مجهولان؛ كما في "الميزان" 4/452، رقم 9814 و2/194، رقم 3417، و"التقريب" 7818 و2518.
وهو مع ذلك منقطع. قال البخاري في "التاريخ الكبير" 4/76، رقم 2006: "ولا يعرف لسلمة سماع من أبي هريرة، ولا ليعقوب من أبيه"
وللحديث شواهد كثيرة، عن سعيد بن زيد، وأبي سعيد الخدري، وأم المؤمنين عائشة، وسهل بن سعد، وأبي سبرة، وعلي بن أبي طالب، وأنس بن مالك. ولذلك ذهب جماعة من أهل العلم إلى تحسين الحديث بمجموع طرقه. ينظر: "نصب الراية" 1/3، "البدر المنير" 2/69، "التلخيص الحبير" 1/250، رقم 70، "الدراية" 1/14، رقم 4، "إرواء الغليل" 1/122، رقم 81، "صحيح أبي داوود" 1/168، رقم 90