الحمد لله، وصلى الله وسلم على محمد، أما بعد:
فالأمر كما ذكر في السؤال؛ فالرسل الذين جاؤوا إلى لوط -عليه السلام- ذُكروا في السُّوَر الثلاث: هود والحجر والعنكبوت؛ فلوط -عليه السلام- علم من أول وهلة أنهم رسل؛ لخبرهم، كما في سورة الحجر أنه أنكرهم أوَّلًا كما أنكرهم إبراهيم، قال تعالى في الحجر: فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (61) قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (62) قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (63) وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ[الحجر:61-64]، وفي سورة العنكبوت وهود أظهر لوط عليه السلام الخوف عليهم من قومه؛ فقال كما في هود: هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ[هود: 77]، ولذا قالوا له كما في سورة العنكبوت: لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (33) إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ[العنكبوت:33-34].
وهذا كلُّه قبل عِلم قومه بهم ومجيئهم إليه؛ لغرضهم الخبيث، وليس في شيء من ذلك ما يشكل إلا في قول الرسل في سورة هود: إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ[هود:81]، وغاية الأمر في هذا أنهم قالوا له ذلك لتأكيد الأمر، ولمزيد اطمئنانه، ولذا قالوا: إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ[هود:81]، ولعل المعنى: إنهم لن يصلوا إلينا في حاجتهم، قال ابن جرير في معنى الآية: “إنهم لن يصلوا إليك وإلى ضيفك بمكروه، فهون عليك الأمر” اه[1]ـ، ثم أمروه بما يُراد منه أن يفعله من الإسراء بأهله، وأخبروه بما سيُفعل بقومه. والله أعلم.
أملاه:
عبدالرحمن بن ناصر البراك
حرر في 20 المحرم 1445هـ
[1] تفسير الطبري (12/514).